حالة من الترقب في الشمال السوري بانتظار نتائج التحركات الدبلوماسية

عواصم ـ راديو الكل

تسود الشمال السوري والساحة الإقليمية المحيطة به حالة من الترقب بانتظار نتائج التحركات الدبلوماسية ولا سيما منها التركية، التي تجري على وقع تعزيزات عسكرية لقوات النظام يقابلها جهوزية عالية من فصائل الثورة وتصميم على رد العدوان، في حين تحدثت أنباء صحفية عن بوادر حل بدأت تلوح في الأفق سيتم بلورتها في قمة الدول الضامنة لمسار أستانة بعد بضعة أيام.

وقالت مصادر معارضة: إن هناك بعض التقدم في الجهود التي تبذلها تركيا بخصوص تجنيب إدلب عملاً عسكرياً يعدّ له النظام بمشاركة إيران وبدعم من روسيا، مستندةً في ذلك إلى انشقاقات حدثت في هيئة تحرير الشام بعد وضعها على قائمة الإرهاب في تركيا التي كثفت تحركاتها مع موسكو خصوصاً، حيث زارها وزيرا الدفاع والخارجية، في حين وصل إلى أنقرة وزير الدفاع الإيراني للبحث في ملف إدلب.

إلا أنه وفي ظلّ غياب التصريحات الرسمية حول الحراك الدبلوماسي إزاء هذا الملف، فإن الغموض والترقب لا يزالان يسودان ليس ساحة الشمال فقط بل الساحة الإقليمية والدولية المعنية بتطورات الأوضاع في سوريا.

ويجمع محللون سياسيون وعسكريون على صعوبة القيام بعمل عسكري ضد إدلب بل واستحالته نظراً لتشابك خيوط الملف محلياً وإقليمياً ودولياً كما يقول الكولونيل المتقاعد، ريك فرانكونا، محلل الشؤون العسكرية بشبكة سي إن إن الذي يضيف أن معركة إدلب إن وقعت ستكون حاسمةً وستستمر حتى النهاية، مشيراً إلى أن الثوار لن يستسلموا باعتبار أنه لم يتبق مكان آخر في سوريا يمكنهم الانتقال إليه كما كان الحال في العمليات التي شهدتها مناطق أخرى في البلاد.

وقال سام هيلر، الباحث في مجموعة الأزمات الدولية: إن إدلب قد تكون بمنزلة ورقة مساومة بين القوى المؤثرة في الصراع السوري، فـ”مصير إدلب لا علاقة له بقضية الجهاديين، بل بمعادلة جيو-استراتيجية أوسع يجد فيها ثلاثة ملايين مدني أنفسهم محاصرين”.

وقالت مصادر المعارضة: إنه من الصعب أن تقدم روسيا والنظام وإيران على عمل عسكري في إدلب كما حدث في الغوطة الشرقية، ليس فقط لأن تركيا دولة قوية، وإنما أيضاً لأن عواقب استفزازها ستكون شديدة الخطورة على مجمل سياسات روسيا في سوريا واستراتيجيتها الإقليمية والدولية.

وتأتي هذه المواقف بالتزامن مع جولة الموفد الأمريكي الخاصّ بسوريا جيمس جيفري الشرق أوسطية التي بدأها بزيارة إسرائيل وبحث مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قضايا تتعلق بأمن إسرائيل والوجود الإيراني في سوريا.

موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي يقول: إن جيفري ناقش مع نتانياهو العمل على منع إيران والنظام من شن هجوم واسع على مدينة إدلب، وهو جزء من السياسة الأمريكية الجديدة تجاه سوريا.

ويربط محللون بين هذه التحركات والضربة الإسرائيلية التي وجّهت لمطار المزة غربي دمشق وعدة مواقع أخرى تابعة لإيران في سوريا وبين التطورات في إدلب، حيث تبعث هذه الضربة برسالة بحسب الكاتب والصحفي ساطع نور الدين بأن المعركة ليست في إدلب بل في دمشق، وهذا ما تفصح عنه الكتابات والمواقف الصادرة من تل أبيب وواشنطن.

ويوضح أن إدلب هي تفصيل بسيط في اللوحة السورية المعقّدة، بالمقارنة مع الصراع على من يتولى الوصاية على سوريا ومن يتمتع بالنفوذ الأخير على حكامها، فإسرائيل والولايات المتحدة لا تريدان أن يكون الإيرانيون مدعوّين إلى حفل إعلان نهاية الحرب السورية، وتوزيع غنائمها. وثيقة التعاون العسكري السوري الايراني التي وقعت الاسبوع الماضي في دمشق، كانت خطوةً تعكس الكثير من التحدي، برغم أن مضمونها قد لا يعني شيئاً بالنسبة الى مستقبل سوريا المحدد كقاعدة عسكرية وسياسية روسية لا تحتمل أيّ شراكة أو منافسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى