تحركات سياسية تنذر بفتح ملف تخفيف التوتر في إدلب وجوارها
تشير التحركاتُ السياسيةُ والتطوراتُ الأخيرةُ إلى أن مِلفَّ إقامةِ مِنطقةِ تخفيفِ توترٍ في إدلب وجوارِها تنفيذًا لاتفاق أستانة الذي توصلت إليه كلٌّ من روسيا وتركيا وإيران، قد فُتِحَ الآنَ وأصبحَ في التداول، وأن تركيا التي كانت خلالَ الأيامِ القليلةِ الماضيةِ محورَ لقاءاتٍ سياسيةٍ واجتماعاتٍ أَنهت استعداداتِها للبَدءِ في تطبيقِ الاتفاق.
وقالت صحيفةُ” دايلي صباح” المقرَّبةُ من الحكومة التركيةِ: إنَّ استعدادتِ أنقرة من أجلِ تنفيذِ عمليةِ “حبل الوريد” لقطعِ ممرِّ الإرهابيين في سوريا قد انتهت، وأن الخطوةَ الثانيةَ من” درع الفرات” التي مَنعت قيامَ ممرٍّ للإرهابيين، يجري العملُ عليها حاليًّا، وستكونُ باسمِ” حبل الوريد”، وهدفُها تطهيرُ مدينة إدلب من العناصرِ الإرهابية، وعزلُ ميليشياتِ الحمايةِ الكرديةِ الإرهابيةِ عن عفرين، بحسب وصفها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتفاق الذي تمّ التوصلُ إليه بينَ كلٍّ من روسيا وتركيا وإيران، يشملُ إجراءَ تركيا عمليةً من شأنِها “تنظيفُ مدينةِ إدلب من الإرهابيين”، لأنها تحوي كثيرًا من المدنيين الفارين من الحرب، و الخطوةُ الثانيةُ ستكونُ عن طريقِ حصارِ مدينةِ عفرين التي تحتلُّها ميليشياتُ الحمايةِ الكردية، وذلك من طرف مدينةِ أعزاز وإدلب وحلب، وكما سيتِمُّ القضاءُ على التهديدِ الذي تُشكلُه تلك الميليشياتُ على الحدود التركية، وبذلك تستطيعُ تركيا تحويلَ خطِّها الحدوديِّ هاتاي – ريحانية إلى مِنطقةٍ آمنة، ويمكنُ إدخالُ مدينةِ عفرين بعد ذلك ضمنَ مناطقِ خفضِ التصعيد.
وكانت مصادرُ تركيةٌ أَكدت لراديو الكل، أن التقاربَ الإيرانيَّ التركيَّ الحاليَّ يهدِف إلى إيجادِ صيغةٍ مشترَكةٍ ربما تكونُ في إطارِ تحركٍ تركيٍّ عسكريٍّ في إدلب، ولا سيما أنَّ أجواءَ اتفاقاتِ أستانة أشارت إلى أن قواتٍ روسيةً وتركيةً ستُشرف على محافظةِ إدلب لضمِّها إلى اتفاقِ تخفيفِ التوتر.
وتقول المصادر: إن الروس يلتقُون مع تركيا في هواجسِها فيما يخصُّ سيطرةَ مقاتلِينَ أكراد في شماليِّ سوريا على مناطقَ حدوديةٍ متاخِمةٍ لمحافظة إدلب مرتبِطينَ بحزب العمالِ الكردستانيِّ المصنَّفِ في الأممِ المتحدةِ على لائحةِ المنظمات ِالإرهابية، كذلك لا يبدُو الإيرانيون بعيدِينَ عن نقطةِ الالتقاءِ تلك، إذ أَعلنَ رئيسُ الأركانِ الإيراني من أنقرة أنه سيبحثُ مع المسؤولينَ الأتراك محاربةَ الإرهاب، في إشارةٍ إلى الوحدات الكردية.
وذكَّرتِ الصحيفةُ بتصريحاتِ الرئيسِ التركي” رجب طيب أردوغان التي قال فيها: “إن بلادَه مصمِّمةٌ على البَدءِ بعمليةٍ جديدةٍ تكونُ توسيعاً لعمليةِ درعِ الفرات، التي كانت كالخنجرِ في قلبِ مشروعِ الإرهابيين في سوريا، وسوف نتخذُ قريبًا خطواتٍ جديدةً ومهمةً في هذا الصدد”.
والتقى الرئيسُ التركيُّ رجب طيب أردوغان قبل بضعةِ أيامِ في أنقرة، الجنرال محمد باقري رئيسَ هيئةِ الأركانِ الإيرانية؛ وبحثَا مصيرَ محافظةِ إدلب وقضايا تتعلقُ بالحدودِ المشترَكةِ للبلدين.
ونقلت وِكالةُ الصِّحافةِ الفرنسيةُ، تصريحاتٍ لباقري، أكد فيها “أولويةَ تنسيقِ جهودِ البلدين؛ بما يقودُ إلى إرساءِ الأمنِ والاستقرارِ في سوريا”، في غضون ذلك، أَعلن وزيرُ الخارجيةِ التركي مولود جاووش أوغلو أن رئيسَ هيئةِ الأركانِ العامةِ للجيشِ الروسيِّ الجنرال، فاليري غيراسيموف، سيزورُ تركيا لمناقشةِ الوضعِ في إدلب، مشدِّدًا على أن “موقفَ روسيا أكثرُ تفهمًا لموقفِ بلادهِ، بشأنِ (وحداتِ حمايةِ الشعبِ) الكرديةِ السوريةِ، من الولاياتِ المتحدة”.
وحول سيناريوهاتِ تدخلِ تركيا في إدلب، قال الباحث التركي زاهد غول لـ (جيرون): “إن أمرَ إدلب محسومٌ للشعب السوري، ومِنطقةَ إدلب ديموغرافيًّا محسومةٌ للسوريين، بسببِ طبيعتِها السكانيةِ والمذهبيةِ والقومية، وترفضُ تركيا التغييراتِ التي تدعَمُها الولاياتُ المتحدةُ لمصلحةِ الأكراد؛ لأنها تصُبُّ في التقسيم والانفصال، كما ترفضُ التغييراتِ التي تدعمها إيران في إدلب؛ لأنها لا تصبُّ في مصلحةِ الشعبِ السوري، بل في مصلحة النفوذِ المعادي لتركيا، لذا فإن أنقرة لن تتخلَّى عن سكانِ إدلب والفصائلِ السوريةِ الوطنيةِ التي تدافعُ عنها”.
وقالت المتحدثةُ باسمِ الخارجيةِ الروسيةِ ماريا زخاروفا: “إنَّ خبراءَ من روسيا وتركيا وإيران يواصِلون العملَ من أجل تحديدِ مناطقِ تخفيفِ التوترِ في محافظةِ إدلب شماليَّ سوريا الخاضعةِ لسيطرةِ قواتِ المعارضة”.
وبحسب وِكالة تاس الروسية، فإنّ زاخاروفا أَعلنت وجودَ وفودٍ من تركيا وإيران وروسيا في الداخل السوري، يرسُمون خريطةَ مناطقِ خفضِ التوترِ في محافظة إدلب.
عواصم ـ راديو الكل ـ تقرير