بعد تراجع الخدمات الطبية في إدلب بنسبة 25% جراء القصف… مستشفيات في الجبال والكهوف
نيفين الدالاتي/راديو الكل
تدهور مأساوي يشهده الوضع الصحي في محافظة إدلب، مع تركيز النظام غاراته الجوية على المنشآت الطبية التي كانت ولا تزال أحد أهم أهدافه.
قصف النظام للمشافي والمراكز الصحية، وإن لم يكن جديداً على المنطقة، إلا أن شهر نيسان/أبريل الماضي؛ شهد تصاعداً محموماً في تعداد المستهدف منها، بعد تدمير 6 مستشفيات بحسب مديرية صحة إدلب الحرة، التي أعلنت أنها لا تملك إزاء هذا الواقع آليات ناجعة؛ سوى حفر منشآت طبية في الجبال لتفادي استهداف الطيران الحربي قدر الإمكان للكوادر الطبية والمرضى.
مدير صحة إدلب الحرة الدكتور “منذر خليل”، اعتبر أن الفكرة ورغم إيجابيتها؛ إلا أن لها محاذير ومخاطر من نوع آخر، إذ أن إجراء العمليات الجراحية في مغارات تفتقد للشروط الصحية اللازمة، يؤدي إلى ارتفاع معدل الإنتانات، علاوة على أن هذه المراكز لن تكون بمأمن من القصف بالمواد السامة، لكن ما من بديل آخر حسب تعبيره، محذّراً بأن تدهور المنظومة الطبية سيكون له تداعيات كارثية على الأهالي والمهجّرين في المحافظة، والذين يصل تعدادهم إلى أكثر من 3 ملايين نسمة.
ورداً على سؤال عن إمكانية بناء مشاف محصّنة ضد القصف وضمن المعايير القياسية العالمية لتصميم المشافي؛ قال “خليل” إن مديرية صحة إدلب الحرة، بصدد إنشاء بعض النقاط الطبية ضمن أقبية، إلى جانب تعزيز العيادات المتنقلة التي تعمل على تخديم النازحين، لافتاً إلى أنه لا يوجد آليات حماية مطلقة، في مواجهة سياسة النظام وحلفائه الممنهجة في استهداف المراكز والكوادر الطبية، وبأن “الكادر الطبي بلباسه الأخضر ومعداته المتواضعة غير قادر على مقارعة ثاني أكبر قوة على الكرة الأرضية”، حسب تعبيره.
وأوضح “خليل” أنه وبسبب استهداف المنظومة الطبية في ريف إدلب الجنوبي خاصة؛ فإنه من المتوقع أن تنسحب الخدمات الصحية باتجاه المناطق الحدودية في الشمال السوري الأكثر أمناً نسبياً، وهو ما سيلقي أعباء إضافية على الكادر الطبي، وخاصة فيما يتعلق بنقل الجرحى والمصابين عبر طرقات طويلة وغير آمنة، مؤكداً على استمرارية عملهم في جميع الظروف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، استناداً إلى الآية القرآنية الكريمة: “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً” بوصفها شعار لهم وهدف.
وأضاف “خليل” في حديثه مع راديو الكل؛ بأن استهداف المنظومة الطبية تسبّب بتراجع الخدمات الصحية بنسبة لا تقل عن 25 %، وخاصة في مناطق ريف إدلب الجنوبي، حيث خرجت أهم المستشفيات عن الخدمة، من بينها مركز غسيل الكلى الرئيسي وأقسام العناية المشددة وحواضن الأطفال، وهو ما انعكس سلباً على الأهالي وخاصة الفئات الأكثر ضفعاً مثل النساء والأطفال، في ظل صعوبة الحركة والتنقل وقلة ذات اليد.
وحمّل “خليل” في ختام حديثه مسؤولية تدهور المنظومة الصحية في محافظة إدلب؛ إلى عجز المجلس الأمن الدولي عن استصدار قرار يلزم نظام الأسد وحلفاءه بوقف قصف المستشفيات والكوادر الطبية، لافتاً إلى طرح الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، مقترحاً بتقديم مديرية الصحة إحداثيات المشافي وتسليمها بشكل رسمي لروسيا، التي تتذرع دائماً بأنها لا تعلم بوجود مراكز طبية في المنطقة المستهدفة، إلا أن ذلك شأن ليس له جدوى في ظل عدم تقديم أي ضمانات أو فتح تحقيقات بهذا الصدد، فيما لم تكن الدول التي تدّعي أنها صديقة الشعب السوري أحسن حالاً، وهي التي خذلت الكوادر الطبية ولم تقدّم لها حتى كمامات واقية، وفق “خليل”.
يشار إلى أن القطاع الصحي في محافظة إدلب، يعاني من عجز كبير بنسبة 90%، بسبب القصف المتعمد والمستمر لطيران الأسد وروسيا على المنشآت الطبية والمشافي، وهو ما جعل ما تبقى من مراكز طبية تعمل بأقل من طاقتها الافتراضية، بعد استنزاف مواردها وكوادرها العاملة.