الظروف الاقتصادية وأثرها على نسبة الزواج بريف حمص الشمالي
يعيش أهالي ريف حمص الشمالي، ظروفاً اقتصادية استثنائية، في ظل الحصار المفروض وقلة فرص العمل، الأمر الذي أوجد معوقات مالية إضافية، أثرت على كل جوانب الحياة، ومنها الزواج.
“مهند” شاب من مدينة الرستن، انشق عن صفوف قوات النظام، والتحق بالجيش الحر وشارك بمعارك تحرير المدينة، ثم أصيب بطلق ناري وتعافى من اصابته التي لم تكن حرجة، وقرر بعدها أن يتزوج ويتفرغ أكثر لحياته المدنية، إلا أنه واجه صعوبات مالية كثيرة في تأمين تكاليف الزفاف المرتفعة.
ويرى “مهند” أن الظروف في وقتنا الحالي لم تعد تسمح للأفراح، كالتي كنا نعدها سابقاً، من شراء ملابس وحفلات ومطربين شعبين، أو سهرات دينة ومقرئين ومنشدين، يلتم حولهم عشرات وأحياناً مئات الأقارب والأصدقاء.
ويضيف “مهند” أن الزواج اليوم يحتاج إلى مبالغ أكبر مع ارتفاع سعر الذهب حيث يبلغ تجهيز العروس بالذهب ما بين (200 و300) ألف ليرة سورية.
بدوره، الناشط الإغاثي “أبو العز” تحدث أن أسعار الثياب، والإكسسوار، وغرفة العريس، وتجهيزات المنزل، والمصاريف الأخرى، ارتفع ثمنها اليوم، “وأصبحت تثقل كاهل من يريد الزواج”.
وأضاف أن النظام يحاصر الريف الشمالي ويمنع إدخال جميع المواد إليه، بإستثناء بعض الكميات القليلة ما أدى إلى المنافسة وارتفاع الأسعار بشكل فاق قدرة الشاب المقبل على الزواج ما دفعه للإستغناء عن كثير من التجهيزات.
ووفقا للناشط ” أبو العز” فإن غرام الذهب وصل سعره الى نحو 15 ألف إذا يكلف شراء قطعتي مصاغ بوزن 10 غرام حوالي 150 ألف ليرة، كما أن سعر بدلة العروس وصل لحدود 15 ألف، وغرفة النوم وصل سعرها لـ 100 ألف.
كما أشار “أبو العز” الى أن العرس بات يقتصر على “الزفة” فقط، من دون إقامة حفلة، إضافة لتوزيع بعض الحلويات البسيطة نظراً لغلاء الأسعار، إذ يبلغ الآن سعر كيلو “البقلاوة” حوالي 1200 ليرة.
وذكر “أبو العز” أنه ” حتى بعد أو قبل الزواج يبقى هاجس التفكير بالتكاليف الأخرى المترتبة على الزوج خاصة إذا رزقه الله بطفل، من حليب وأدوية وغيرها.
ولفت “أبو العز” الى دور المشايخ والمنظمات والجمعيات في مساعدة الشباب، وتحفيزهم على الزواج، في ظل أزمة العنوسة التي بدأت تظهر في المجتمع، حيث تقوم بعض المنظمات بتقديم أثاث منزل بسيط ومبالغ مادية ما بين (50 و100) الف للتحفيز على الزواج، مشيراً إلى ارتفاع نسبة العنوسة مؤخراً بسبب عدة أسباب.
وفي هذا السياق قال الشيخ “أبو بكر الخطيب” رئيس المحكمة الشرعية في مدينة الرستن:” إن المحكمة سجلت ارتفاعا مقبولا في نسب الزواج، خاصة بعد الهدنة وتوقف إطلاق النار، حيث تفرغ كثير من الشباب للزواج، وأن المحكمة تساعد الشباب في ذلك، من خلال تقديم عقد القران والإجراءات الأخرى مجانا، ً كهدية للعروسين ومساعدة لهم، وهذا ما تستطيع تقديمه “.
وأضاف الشيخ “الخطيب” أنه وعلى الرغم من كل الظروف، فإن الزواج سترٌ أمر الله به وسنة الحياة يجب أن تستمر، ونحن بدورنا نشجع الأهل على التساهل في الأمور المادية خاصة للشباب المتفرغ للجهاد، ولا يجد عمل يؤمن منه هذا المبالغ الكبيرة، حتى أن الأهل أنفسهم يشعرون بذلك، فمن لديه ابنة يريد تزويجها لديه أيضا ابن سوف يخطب له، فهو واقع مشترك” على حد تعبيره.
من جانبه قال الشيخ “أيمن” أنه ومنذ بداية الثورة السورية استمر الشباب في الزواج والتقدم لخطبة الفتيات، ولم تؤثر الحرب الا بالشيء القليل، حتى أنه في ظل الهدنة سجل الزواج نسبة ارتفاع خفيفة.
ولفت الشيخ “أيمن” إلى دور المحكمة في تسهيل أمور الزواج وتثبيت العقود ضمن سجلات وتقديم صور عنها للمجالس المحلية، من أجل أن تستفاد العائلات من الخدمات والمستحقات المقدمة.
وأكد على دور المشايخ وطلاب العلم بتشجيع الأهل على تزويج شبابهم وضرورة تيسير المهور، نظرا للظروف المادية الصعبة وحالة الفقر والعوز المنتشرة في الريف الشمالي.