أعمال ثورية لم توقفها غياب مؤسسيها.. و”رزان زيتونة” مثال
“كنا محرومين من أبسط حقوقنا و يحكمنا الخوف و اليأس نجابه واحدا من اشرس الأنظمة في المنطقة و في العالم بمظاهرات غالبيتها سلمية بأغاني الحرية لننشد لسوريا جديدة و لمستقبل جديد لأول مرة منذ عقود نكتشف أصواتنا و شخصياتنا و نكتشف شعور تحطم حاجز الخوف عند المطالبة بحقوقنا أنا فخورة جدا لكوني سورية”، هي كلمات “رزان زيتونة” في رسالة مصورة لمجلة “فورن بوليسي” التي اختارتها ضمن المفكرين الكبار لعام 2011.
ورزان زيتونة هي محامية سورية من مواليد دمشق وهي واحدة من أبرز المدافعين عن حقوق السجناء السياسيين، عملت على تأسيس منظمات مثل “جمعية حقوق الإنسان في سوريا” و “رابطة معلومات حقوق الإنسان السورية”، في كل نشاطاتها ركّزت رزان على أهمية توثيق انتهاكات حقوق الإنسان على أمل أن يأتي يوم يحاسَب فيه المجرمون أو ينتهي عهد الخوف، كان نشاطها قبل الثورة سبباً في تعرضها للعديد من المضايقات الأمنية وحرمانها الإحساس بالأمان، شاركت في الثورة السورية منذ أيامها الأولى وكان لها دوراً فعالاً في تأسيس العديد من المراكز، منها مركز توثيق الانتهاكات و “لجان التنسيق المحلية” وغيرها.
عملت رزان بكل ما تملك من خبرات وعلاقات وطاقة لإيصال صوت السوريين لكل العالم، وذلك على حساب وقتها وعلاقاتها الشخصية، كما حدثتنا شقيقتها السيدة “ريم زيتونة”، حيث أشارت إلى طموح رزان وسعيها لتنفيذ مبادئها في الحياة، حتى باتت تنعزل عن حياتها الإجتماعية وتركز على عملها.
ولفتت إلى أن رزان كانت محامية وتعمل في الدفاع عن حقول معتقلي الرأي، كما قامت في بداية الثورة بتنسيق المظاهرات، حتى ظهرت كصوت إعلامي للثورة ينقل الأحداث بشكل احترافي، لتقوم بعد ذلك بتأسيس مركز توثيق الإنتهاكات، كذلك كانت عضو في لجان التنسيق المحلية.
ونوّهت إلى تنفيذ رزان عدة مشاريع على الأرض، مثل تأسيس مكتب في الغوطة الشرقية لدعم مشاريع النساء في التنمية المحلية.
رزان وجه ساطع من وجوه الثورة، وصوت حر استطاع أن يقض عرش الديكتاتور ويوصل حقيقة ما يجري في سوريا لابعد أصقاع الأرض، ولأن هذا الصوت استطاع أن يعلو فوق أزيز الرصاص وكسر بعقلانيته جميع حواجز الخوف والتردد لدى الكثيرين من أبناء وطنها، سخر نظام الأسد كل جهوده لاسكاته إلى الابد ان امكن.
ولأن فسحة من الأمان كفيلة باتمام الكثير من العمل الثوري ، اتجهت رزان إلى مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية التي كانت تحت سيطرة المعارضة و من هناك تابعت أعمالها الثورية ، إلى ان حل ذلك اليوم.
ذلك اليوم هو التاسع من شهر كانون الأول لعام 2013 قامت جهة مسلحة باختطاف كل من رزان زيتونة وسميرة خليل وناظم حمادي ووائل الحمادة من مقر عملهم ، و هو ما أثار بلبلة كبيرة و العديد من التساؤلات حول الجهة التي أقدمت على هذا الفعل القذر خاصة أن الغوطة الشرقية تحت سيطرة المعارضة ، كان خبرا صاعق لكل من عرف رزان و رفاقها ، خاصة السيدة ريم زيتونة التي أصيبت بصدمة منعتها من نقل الخبر لذوي رزان بشكل مباشر الذين كانوا يعيشون بحالة ترقب و خوف مع التهديدات المتلاحقة بالتصفية التي تطال ابنتهم، وأضافت ريم إلى وصول 3 تهديدات بينها مكتوبة بخط اليد قبيل خطفها بعدة أشهر.
اختفت رزان ورفاقها ولم يستطع أحد معرفة مصيرهم حتى تاريخ اليوم، ورغم الفراغ الكبير الذي تركتوه خلفهم إلا أن الرسالة التي عملوا على ايصالها لكل العالم لم تتوقف حروفها وبقي الأحرار يحيكون حريتهم بارادتهم و صمودهم و بقي العمل مستمرا رغم الصعوبات.
وتقول ريم أن تغييب رزان آثر على مسار الثورة، حيث فقدت ناشطة سلمية في حقوق الإنسان، كما أن تأثيرها كان واضح في وسائل الإعلام الغربية، ووجهت بالختام رسالة لأختها رزان قالت فيها: “سنعمل بكل ما بوسعنا لتحريرك مهما كان الثمن”.
وفي هذا الصدد قال “بسام الأحمد” المتحدث السابق باسم مركز توثيق الإنتهاكات، أن رزان زيتونة وعدد من الناشطين السوريين قاموا بتأسيس مركز التوثيق في شهر نيسان عام 2011، مشيراً إلى امتلاك رزان الخبرة في أعمال التوثيق حتى قبل الثورة كونها محامية.
ولفت “الأحمد” لراديو الكل، إلى أن نشاط رزان سبب لها ملاحقة قوات النظام، وأكد أن التحدي الأمني كان أبزر الصعوبات في عمل المركز الذي عمل بداية على توثيق القتلى على يد النظام والمعتقلين.
واعتبر “الأحمد” أن حادثة خطف زيتونة كان خسارة للحراك السلمي والمجتمع السوري الحقوقي، ولفت إلى أن الموظفين الذي كانوا على تواصلوا مع رزان أكثر رغبة في العمل، حيث حاولوا المحافظة على منهجية التوثيق.
وأوضح في ختام حديثه إلى أن المركز تمكن من تجاوز الضغوط التي فرضت عليه على خلفية اختطاف زيتونة، حيث استطاع المركز حتى اليوم من عمل عشرات التقارير وتويثق آلاف الأسماء.