5 سنوات ونساء سوريا يحكنَّ من الألم حروفاً للنصر
شاركت المرأة في الثورة السورية منذ أيامها الأولى و كان لها دوراً فاعلاً فيها، اذ خرجت من قوقعتها ومن الصورة النمطية التي وضعها المجتمع فيها على مدى أعوام كثيرة فكانت تهتف مع المتظاهرين، و تخرج في تشييع جنازات الضحايا وتساعد في كتابة شعارات مناهضة لنظام الأسد على الجدران أيضا كان لها دور رئيسي في الدفاع عن المتظاهرين الشباب و اسعاف الجرحى ونقل الادوية الاسعافية و السلاح و النشاط الإعلامي المتمثل بإدارة مواقع الاخبار و تصوير أفلام وثائقية، عدا عن عملها السياسي و التوثيق الحقوقي، وتعتبر الفترة الذهبية لهذه المشاركة في العامين الاولين من الثورة قبل أن يعلو صوت السلاح فوق كل الأصوات.
كانت مثالا للنشاط والتفاني حتى قيل ان الثورة انثى و ان حروفها و معانيها لا تكتمل دون تاء أنوثتها وستتحول بطبيعة الحال لثورة منقوصة و مبتورة، الامر الذي حملها المزيد من المسؤولية رغم المخاطر التي تتعرض لها فمع ارتفاع وتيرة الاحداث تعاظمت الأخطار المتمثلة بالاعتقال أولا اذ قدر مركز توثيق الانتهاكات في سوريا عدد المعتقلات 2007 اناث بينهم 1934 سيدة بالغة و 73 طفلة.
ومن المخاطر الأخرى التي تعرضت لها المرأة القتل قنصا او تحت الأنقاض نتيجة للقصف الممنهج على المناطق المدنية فبلغ عدد النساء اللواتي قضين في سوريا خلال عام 2015 / 1957 سيدة حسب الشبكة السورية لحقوق الانسان، وغيرها من المخاطر التي تركت أثارها على الأجساد و الأرواح على حد سواء فلكل فعل وحشي من قبل النظام تداعياته القاسية عليها ووراء كل قطرة دم أريقت عيون تذرف القهر و الألم.
فهي الام التي فقدت ابنها او ابنتها، و هي الزوجة التي فقدت رفيق دربها و حب حياتها، و هي المرأة التي انتهك جسدها دون رحمة، و هي اليتيمة التي حرمت من براءة طفولتها و من حقها في الحياة بكنف أسرة طبيعية.
هي المرأة السورية التي مورس ضدها جميع أنواع الانتهاكات لكن ابنة الأرض التي حملت حضارات الإنسانية ابت إلا أن تشابه موطنها في عراقته وتمسكه بالحياة فكانت تنتفض كطائر الفينيق وتنبعث باشراقة الحياة أمام جميع محاولات افنائها و تحييدها عن المشهد العام ، لتحمل علم ثورتها بين جوانحها و تعمل بلا كلل ناسفة الفكر السائد عن الدور النمطي الذي لطالما رافقها في مجتمعنا متحولة لثائرة تقف جنبا بجنب الرجل لتحقيق الحرية و الكرامة لوطنها و باعتراف الشارع السوري.
وفي هذا المحور أشارت الإعلامية “سما مسعود”، إلى مشاركتها في تنسيق المظاهرات النسائية بداية الثورة، لتتوجه بعدها إلى العمل الطبي وتدريب الكوادر الطبية في مدينة معضمية الشام بريف دمشق، وذكرت أنها كانت تقوم بنقل المصابين ضمن الأحياء التي تتعرض للقصف في سيارتها الخاصة.
ولفتت إلى مشاركتها لاحقاً بعد توقفها عن العمل بسبب ملاحقتها من قبل النظام واعتقال زوجها، في العمل الإعلامي لنقل الأوضاع الميدانية في مدينة المعضمية عبر وسائل الإعلام، منوهةً إلى الصعوبات التي اعترت عملها، تمثلت بالخطورة الكبيرة في مواجهة نظام الأسد عبر الإعلام، كذلك نظرة البيئة الريفية السلبية لعمل الفتاة في المجال الإعلامي.
من جهتها، أشارت الطبيبة الميدانية “فاتن رمضان”، إلى قيامها مع مجموعة من الشباب الأطباء والممرضين في إسعاف ومداوة الجرحى نتيجة قصف النظام في إحدى مناطق الشمال السوري، مبينةَ أن العمل كان بداية بشكل سري، ليتم فيما بعد تأسيس مركز طبي بمعدات وأدوات بسيطة، حيث كان المركز يواجه صعوبات جمة في نوع وخطورة بعض الإصابات، على الرغم من ذلك تم التأقلم مع الواقع الصعب.
ولخصت بعض الصعوبات في العمل كالبقاء في المركز لمدة 3 أو 4 أيام لإنهاء الواجبات الطبية، مؤكدة أن المجتمع بات يحترم المرأة أكثر مما كان الوضع عليه سابقاً، حيث نجحت المرآة في العمل الطبي.
بدورها، أفادت الناشطة الميدانية الدكتورة “عروبة بركات”، بتقلص العمل في الداخل السوري خلال السنة والنصف الماضيين بسبب صعوبة الدخول الخروج، حيث اقتصر العمل مع اللاجئات في المخيمات الواقعة على الحدود السورية التركية أو في مناطق جنوب تركيا.
ولفتت إلى حماس المرآة السورية في العمل واكتساب مهارات جديدة والمشاركة في نشاطات اقتصادية للتقليل من المعاناة في الجانب المادي، وأكدت على تعاظم دور المرآة في المخيمات والمناطق الحدودية، مضيفةً إنه في حال توافر إمكانيات أفضل للمرآة لكان إنجازها أكبر بسبب امتلاكها القدرة والرغبة في المشاركة لتحقيق مزيد من الإنجازات.
من جانبها، لفتت الرسامة “ديالا بريسلي”، إلى أول لوحة قامت برسمها والتي عبرت خلالها عن مجزرة مدينة درعا في عام 2012، بالتزامن مع قيامها في عدة نشاطات كالمظاهرات والعمل في المشافي الميدانية، منوهة إلى عمل لوحة نقلت عبرها إضراب النساء عن الطعام في سجن درعا.
وحين انتقالها إلى لبنان توجهت إلى العمل التطوعي في مخيمات اللاجئين السوريين هناك -وفقاً لبريسلي، وبيّنت إلى أن رسم الجداريات كان أولى المبادرات، حيث قامت بإنجاز أول مشروع جدارية برفقة فتاة تدعى “دانيا يعقوب” في عرسال، وأكدت أن الجداريات تبعث التفاؤل في نفوس الأطفال وتشجعهم على الدارسة حيث بات معظمهم مقطوع عن الدراسة منذ أكثر من سنتين.
وأوضحت في ختام حديثها أن الناشطات السوريات ركزنّ في الثورة على الأعمال السلمية ومن بينها الأعمال والمشاريع الفنية، مبينة أن عدم القدرة على التعبير بسبب قمع النظام للحريات كان من أبرز صعوبات العمل.