ارتفاع الأسعار في الشمال السوري وغياب الرقابة.. همٌ متجدد للمدنيين
يعيش المدنيون عامة والنازحون على وجه الخصوص حياتهم بين واقع النزوح وأبعاد التهجير القسري وسط احتياجات أصبحت أقرب إلى استحالة التحقق، وذلك نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وسط انهيار قيمة الليرة السورية، والأزمة الاقتصادية العالمية.
ناقش برنامج (ملف اليوم) الذي يقدمه “راديو وتلفزيون الكل” أسباب ارتفاع أسعار المواد الغذائية ولاسيما الخضار والفواكه الصيفية في ظل غياب الناظم والمراقب لهذه الأسعار، مع الحكومة السورية المؤقتة والتي كان حاضراً عنها الدكتور عبد الحكيم حسين المصري وزير المالية والاقتصاد.
تلفزيون وراديو الكل استطلع رأي الشارع في قضية ارتفاع الأسعار، وكانت معظم الآراء تشير إلى التباين والفارق الواضح بين دخل المواطن المادي والارتفاع الجنوني للأسعار، سواء كان المدني موظفاً أو عامل يومية في القطاعين العام والخاص.
وعبر الدكتور عبد الحكيم حسين المصري وزير المالية والاقتصاد في بداية حديثه عن تأييده لآراء الشارع في الشمال السوري، وقال إن المستطلعة آراؤهم هم أصحاب حق وقالوا الحقيقة، مضيفاً أنه بالنسبة لارتفاع الأسعار هو ارتفاع كبير جدا، موضحا أن التضخم خلال النصف الأول من العام 2022، كان كبيراً، إذ خسرت الليرة التركية 50 بالمئة من قيمتها، وارتفع الدولار بحكم التضخم والأزمة الاقتصادية العالمية، وهذا أثر على التجارة وأسعار المواد الغذائية وقطاع الطاقة عالمياً، وكان له أثر على الشمال السوري.
وتحدث المصري عن إجراءات وزارته قائلاً إن الوزارة متعاونة وتريد التخفيف عن المدنيين، وتسمح للتجار باستيراد أي مادة يريدها، بحيث يكون هناك منافسة تامة، لتصبح الأسعار في الحد الأدنى وتضمن للتاجر الربح المعقول، مايجعل المواطن رابحاً من منافسة التجار بانخفاض الأسعار.
وأشار إلى أن هناك دائرة تموين في الباب واعزاز وباقي المناطق، وتتابع الأسعار بشكل يومي، ولكن نتيجة ضغوط السكان بشكل كبير وحجم العمل الكبير، لاتستطيع أن تضبط الأمور بشكل كامل، ولكن ضمن المستطاع، ولاتكمن المشكلة في ضبط الأسعار، إذ لاتستطيع الوزارة أن تفرض على التاجر أن يبيع كيلو السكر بـ10 ليرات، إذا كانت تكلفته 12 ليرة تركية، فأيضاً التاجر يريد الربح كي يستمر في تأمين المواد.
ولعل ارتفاع الأسعار ليس خاصاً في سوريا، بل هو ارتفاع عالمي، ولكن المشكلة تكمن في الفرق بين الأجور اليومية أو الشهرية والأسعار الغالية، مايخلق فجوة كبيرة ويجعل المشكلة مستحيلة الحل إلا في حال أصبح توازن بين الأسعار والأجر، وفي آخر دراسة أجرتها الوزارة المؤلفة من 5-6 أشخاص تحتاج إلى 3800 ليرة شهريا عدا أجور السكن، فإذا أخذنا الوسطي أو المقبول يحتاج المدني إلى نحو 4000 ليرة بينما دخله 1200 وهذا ماقلت عنه إنه فجوة كبيرة في الدخل.
وتابع أن من الطبيعي أن تشعر الناس بارتفاع الأسعار ولاسيما مع انخفاض الدخل وذلك لوجود البطالة وعدم وجود فرص عمل، ونجد أن المعروض من العمال كثير والطلب قليل وهذا مايؤثر على الأجور.
وعن مراقبة الفواتير قال : حتى لو راقبنا الفواتير لن نستطيع ضبط الأمر، ونحتاج إلى المنافسة بين التجار وهي الحل الأضمن لانخفاض الأسعار، مؤكداً أن الوزارة تسمح بالاستيراد، لأي مادة غذائية للإتجار، في سعي من الوزارة لعدم احتكار المادة الغذائية في يد واحدة، ولايمكن لأحد أن يضبط الأسعار في الريف، ومهمة الوزارة بشكل أساسي هي تأمين كافة المواد في السوق وهذا الأمر حاصل، ولكن هذا غير كافٍ لانخفاض الأسعار.
وأردف أن وزارته تحاول جذب المستثمرين للاستثمار في الشمال السوري بالتزامن مع محاولاتها تحسين الظروف الأمنية والمعيشية في المنطقة، وأوضح أن الوزارة أنشأت نحو 7 مدن صناعية، وشهدنا خلال السنوات الأخيرة أزمة مالية نتيجة الجفاف وارتفاع نسبة البطالة وترك العمل، وهذا مايجعلنا مضطرين للبحث عن أي مجالات للاستثمار لتوظيف مدنيين آخرين، إلى أن يتم تأمين فرص عمل جديدة، ونعمل على تقديم تسهيلات كثيرة لكل من يرغب بافتتاح مشروع استثمار.
وعن طريقة تقديم الشكوى من المدنيين للوزارة، في حال شعروا بارتفاع أسعار كبير جدا ومختلف عن باقي المحلات، ويستطيع المدني أن يتقدم بشكوى بكل سهولة من خلال مراجعة الوزارة أو دوائر التموين في مدينته لحل الإشكال، وأوضح أن وزارة المالية لاتأخذ أي ضريبة من التجار باستثناء ضريبة جمركية عن المعابر وهي نسبة لاتؤثر على الأسعار إطلاقاً.