ظاهرة العثور على أطفال مجهولي النسب تتسع في إدلب وأهالٍ يرعون بعضهم
تعرف على أسباب انتشار ظاهرة رمي الأطفال مجهولي النسب في إدلب وكم يبلغ عددهم
شهدت مُحافظة إدلب خلال السنوات الماضية، تفشي ظاهرة رمي أطفال رضع حديثي الولادة على قارعة الطرقات وأمام المساجد، تخلى عنهم ذووهم وتركوهم تحت ظروف غامضة، ليقوم بعض الأهالي بأخذهم ورعايتهم.
وسُجلت آخر حادثة في الحادي عشر من تشرين الثاني الماضي، إذ عثر الأهالي على طفل حديث الولادة بالقرب من مخيم كفرجالس شمالي إدلب وهو في حالة وفاة.
ويرعى الكثير من الأهالي أطفالاً مجهولي النسب، وذلك رأفة فيهم كونهم أطفالاً لا ذنب لهم، من بينهم أحمد هشام من أهالي مدينة سلقين، يتحدث عن تجربته في تربية طفل صادفه العام الماضي حين خروجه من المسجد فجراً، ويقول لراديو الكل، إنه قام آنذاك بأخذ الطفل إلى أحد المستشفيات ليطمئن على صحته ومن ثم إلى منزله.
وتابع هشام: أطلقنا عليه اسم كمال، وأصبح وزوجته يرعون شؤونه مع إخوته من دون تمييز، لافتًا إلى أن الطفل سوف ينال حقه كما إخوته في التربية والتعليم وصولًا إلى الميراث.
وبلغ عدد الأطفال مجهولي النسب منذ بداية العام الحالي إلى نحو 24 طفلًا حديث الولادة بمعدل 1 إلى 3 أطفال شهرياً وفقًا لإحصائية قام بتوثيقها الصحفي الاستقصائي محمود رفعات البكور من أهالي مدينة سراقب.
وأكد البكور في حديثه لراديو الكل، أن ليس هناك جهات تقوم على توثيق الأطفال مجهولي النسب أو الحد من انتشار هذه الظاهرة، لافتًا إلى أن توثيقات هذا العام للأطفال منخفضة مقارنة مع العام الماضي.
وأوضح البكور أن الإحصائيات يتم جمعها من خلال المتابعة والتواصل مع شبكة من الناشطين الموزعين على جغرافيا الشمال السوري، إلا أن هناك بعضاً من الحالات لا يتم الوصول إليها كالأطفال الذين فارقوا الحياة.
وأرجعت سُمية رحال مرشدة نفسية في إدلب أسباب انتشار ظاهرة رمي الأطفال إلى نسبة ارتفاع البطالة والفقر، وقالت لراديو الكل، إن هناك الكثير من الأطفال ولدوا في زمن الحرب بين خيام النزوح، وباتوا عبئاً اقتصادياً لذويهم، ما دفع بعضاً من الأهالي للتخلي عن طفلهم على أمل أن يحظى بعائلة ترعى شؤونه بشكل جيد.
وبينت رحال وجود أسباب أخرى، وهي تزويج الفتيات القاصرات من أشخاص أجانب مجهولي الهوية بعضهم من فارق الحياة جراء قتاله إلى جانب الفصائل المعارضة، ما يدفع الفتاة إلى رمي طفلها لعدم قدرتها وذويها على رعايته.
ودعت رحال المنظمات المهتمة بشؤون المرأة والطفل بالتوجه إلى مخيمات النزوح لتوعية الأهالي من تزويج الفتيات القاصرات من أشخاص مجهولي الهوية والتوعية بالصحة الإنجابية.
القاضي المُستشار محمد نور حميدة من أهالي إدلب يوضح في حديثه لراديو الكل، أنه قام مع العديد من الحقوقيين في الشمال السوري، بعمل استقصائي في وقت سابق عن تفشي ظاهرة الأطفال مجهولي النسب، ليتبين وجود أكثر من ألفين حالة زواج في الشمال السوري خلال سنوات الحرب، نتج عنها ولادة لأطفال مجهولة الهوية.
ولفت حميدة في حديثه إلى أن هذه الشريحة من الأطفال سيلقون مستقبلًا مظلماً لا يملكون فيه أدنى حقهم في الحياة سواء من الهوية أو التعليم أو جواز السفر، مشيراً إلى أن القانون السوري في عام 1970 أطلق على الطفل اللقيط صفة مجهول النسب، وكلّف أمانة السجل المدني بإعطائه اسماً وكنية لإثبات وجوده في الموطن.
محمود موسى غنّام حاصل على ماجستير في الدراسات الإسلامية وعضو رابطة علماء ودعاة سورية أوضح لراديو الكل، أن الأطفال مجهولي النسب أولى بالعناية لعدم وجود أحد من والديهم و أهلهم، وأن من يكفلهم فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم، بينما التبني حرام في الإسلام ومعناه أن ينسب الإنسان إلى نفسه من ليس ولداً له.
وهذه الظاهرة ليست خاصة بمناطق الشمال السوري، وإنما تمتد لمناطق سيطرة نظام الأسد حيث تم الكشف عن عشرات الحالات التي تم تسجيلها في مناطق عديدة مثل دمشق وحماة ومناطق أخرى.