أكثر من 80 منظمة إنسانية تدعو المجتمع الدولي إلى “تحرك حقيقي” ينهي مأساة السوريين
البيان الصادر عن مؤتمر "شريان الحياة" دعا لمنع تحويل المساعدات الإنسانية والطبية إلى "ملف ابتزاز" بيد روسيا ونظام الأسد
طالبت منظمات إنسانية وطبية عاملة في الشمال السوري، وفريق “الدفاع المدني السوري”، الدول الأعضاء في مجلس الأمن بتجديد التزامها بحياد المساعدات الإنسانية، ودعت المجتمع الدولي إلى “تحرك حقيقي” ينهي مأساة السوريين المتواصلة منذ عشر سنوات.
جاء ذلك في بيان مشترك وقعت عليه أكثر من 80 منظمة إنسانية وطبية، إضافة إلى فريق “الدفاع المدني”، اليوم الأربعاء، خلال مؤتمر صحفي عُقد في مخيم “العامرية” في ريف إدلب الشمالي، تحت عنوان “شريان الحياة”.
وحثّ البيان المشترك المجتمع الدولي على “القيام بمسؤولياته”، و”منع تحويل ملف المساعدات الإنسانية والطبية المنقذة للحياة لملف للابتزاز بيد روسيا ونظام الأسد”.
ودعا الموقّعون على بيان “شريان الحياة” مجلس الأمن إلى تجديد آلية إيصال المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبر “باب الهوى”، وتحييد عمليات الإغاثة الإنسانية هناك.
وأكد البيان، أنه “لا يمكن التخلي عن هذه الآلية طالما لم يكن هناك تحسن كبير في الوضع الإنساني، أو دفع مسار عملية السلام حسب قرار الأمم المتحدة”، لافتاً إلى أن القرار الأممي رقم 2165 الصادر عام 2014 بشأن هذه الآلية، كان “نتيجة طبيعية لاستمرار الظروف التي تعرقل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المختلفة داخل سوريا”.
وحذّر البيان من أن “الفشل في تجديد القرار بتمديد تفويض إدخال المساعدات سيكون أثره كارثياً على الوضع الإنساني، وسيؤدي لتوقف حملة اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد في شمال غرب سوريا، كما ستتوقف السلال الغذائية عن الوصول إلى 4.1 مليون شخص شهرياً”.
وعدّد البيان من آثار إيقاف الآلية الأممية “تعطّل وصول المياه وخدمات الإصحاح والصرف الصحي”، مشدداً على أن ذلك سيجلب “تداعيات خطيرة على السكان، تشمل زيادة معدلات الأمراض وتفاقم المعاناة الإنسانية بشكل مأساوي، وذلك أمٌر لا مفر منه في منطقة يعاني فيها واحد من كل ثلاثة أطفال من سوء التغذية”.
وأردف البيان: “الحاجة ماسّة لزيادة مستوى الوصول وتوسيع النطاق للبرامج الإنسانية، بدلاً من السعي لإغلاقها”.
وضمن الكلمات الملقاة في المؤتمر، أكد “منير المصطفى” نائب مدير الدفاع المدني السوري، أن “الضغط على الجانب الإنساني من قبل النظام وروسيا هو جزء من سياستهم ضد السوريين، وهو استكمال لحربهم التي يشنّونها منذ عشر سنوات”.
وأضاف “المصطفى”، أن اتخاذ قرار بتمديد الآلية ستة أشهر أو عاماً أو فتح معابر جديدة -رغم أهميته- “يبقى حلاً آنيّاً، ولا يمكن أن يكون هناك استجابة طويلة الأمد لأكثر من 4 مليون مدني في شمال غربي سوريا بينهم 2 مليون فقدوا مصدر رزقهم ووجدوا أنفسهم في العراء، إلا بإنهاء جذري لسبب مشكلتهم لا بمعالجة النتائج”.
وفي هذا الصدد، أضاف البيان أن “الحل طويل الأمد للأزمة الإنسانية في سوريا” يكون في “حل سياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254″، مردفاً أن “حل الأزمة الإنسانية في كل سوريا وليس فقط في شمال غربي سوريا يرتبط مباشرة بحدوث تغيير شامل وحل ينهي حقبة القتل والتهجير، ويجب أن يكون بمساعدة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ويبدأ بوقف هجمات النظام وروسيا على المدنيين في شمال غربي سوريا، وعودة المهجرين قسراً لمنازلهم، و بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ومنها جريمة التجويع كسلاح، أمام محكمة الجنايات الدولية”.
وختم البيان بالتشديد على أن “ما ينتظره السوريون وبعد أكثر من عشر سنوات من القتل والتهجير والاعتقال والتعذيب.. تحرك حقيقي يُنهي مأساتهم، لا تحرك يكتفي ببقائهم على قيد الحياة ليموتوا كل يوم ألف مرة، بينما قاتلهم أماهم دون محاسبة أو مساءلة”.
وفي تموز 2014، اتخذ “مجلس الأمن الدولي” قراراً يُتيح عبور المساعدات الإنسانية إلى سوريا من أربع نقاط حدودية (باب السلامة وباب الهوى مع تركيا، واليعربية مع العراق، والرمثا مع الأردن).
واستخدمت روسيا في تموز الماضي “الفيتو” ضد تمديد قرار إيصال المساعدات عبر الحدود، ثم سمحت بمرور قرار ثانٍ قدّمته ألمانيا وبلجيكا، يسمح بذلك عبر نقطة حدودية واحدة هي “معبر باب الهوى” على الحدود مع تركيا.
وألمحت موسكو إلى أنها قد تغلق البرنامج تماماً أو على الأقل تقصر تفويضها من عام إلى ستة أشهر بحلول 10 تموز القادم، وهو موعد نهاية التفويض الحالي، وذلك على الرغم من تحذيرات الأمم المتحدة من أنها قد تتسبب في “كارثة إنسانية”.
وتتذرّع روسيا في تهديداتها بعرقلة تمديد آلية المساعدات، بأن نظام الأسد يجب أن يكون هو المشرف على إيصالها من خلال المعابر التي يسيطر عليها، ثم شحنها من دمشق عبر خطوط القتال في البلاد، محذرة من أن “بعض الأطراف تستغل أكثر فأكثر الملف الإنساني لتحقيق أغراض سياسية متمثلة بتقويض سيادة سوريا ووحدة أراضيها”.
كما تلحّ موسكو على فكرة مفادها أن الظروف على الأرض في سوريا تغيرت منذ إنشاء هذه الآلية قبل ست سنوات، ما يتيح التخلي عن أسلوب تقديم المساعدات عبر الحدود حالياً.
ويتطلب صدور قرارات من مجلس الأمن، موافقة 9 دول على الأقل من أعضائه، شريطة ألا تعترض عليه أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
راديو الكل