“رايتس ووتش”: فساد النظام وتقاعسه عن حل أزمة الخبز يدفع بملايين السوريين نحو الجوع
رايتس ووتش: "عينت حكومة النظام عناصر من قواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية كموزعين معتمدين للخبز في مناطقهم".
حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش ” من أن فساد حكومة النظام وتقاعسها عن معالجة أزمة الخبز بصورة عادلة وملائمة يدفع بملايين السوريين نحو الجوع.
وقالت المنظمة في تقرير أمس الإثنين، 22 من آذار، إن “الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، إلى جانب التدمير الكبير للبنية التحتية من قبل حكومة النظام وحلفائها في المقام الأول طوال عقد من النزاع، أديا إلى نقص حاد في القمح. كما فاقمت الحكومة الأزمة، إذ سمحت بالتمييز في توزيع الخبز، إلى جانب الفساد والقيود على كمية الخبز المدعوم التي يمكن للناس شراؤها، وهي عوامل أدت إلى الجوع”.
وأضافت أن “ما تمارسه حكومة النظام من تمييز، وسياسات جديدة متعلقة بالخبز، وفساد يمس مباشرة بقدرة العائلات على تأمين ما يكفي من الخبز”.
وفقا للأشخاص الذين تمت مقابلتهم من قبل معدي التقرير وبيانات الأمم المتحدة، فقد خفضت العائلات عدد وجباتها وأصبح الأمهات والآباء يجوعون لإطعام أطفالهم، وذلك بعد قرار حكومة النظام رفع أسعار الخبز وإعلانها عن صيغة جديدة تحد من كمية الخبز المدعوم التي يمكن للناس شراؤها على أساس عدد أفراد الأسرة.
وبحسب التقرير، تقدر “منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة” وبرنامج الأغذية العالمي أن 46% من الأسر السورية قللت حصصها الغذائية اليومية، وخفّض 38% من البالغين استهلاكهم لضمان حصول الأطفال على ما يكفي من الطعام.
ونقلت المنظمة عن سكان في المناطق التي يسيطر عليها النظام بما فيها ريف دمشق وحلب، في كانون الأول إن الخبز المتوفر كانت نوعيته رديئة ويكاد يكون غير صالح للأكل.
كما وصف السكان التمييز في توزيع الخبز، ففي بعض المناطق توجد طوابير منفصلة لكل من الجيش والأمن، والسكان، والنازحين، الذين لهم الأولوية الأدنى.
ونقلت عن تقرير صادر عن “معهد نيوزلاينز” أن “الأجهزة الأمنية السورية تتدخل في توزيع الخبز والقمح، بما يشمل أخذ الخبز من المخابز وبيعه في السوق السوداء”.
ونقلت كذلك عن مسؤول في منظمة إغاثية أن “الحكومة توجه المنظمات الإنسانية بإعادة تأهيل المخابز وتوصيل سلال غذائية حسب الانتماءات السياسية للحي المعني، وليس على أساس الحاجة وحدها”.
كما “عينت حكومة النظام عناصر من قواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية كموزعين معتمدين للخبز في مناطقهم”.
ووفقاً لـ”برنامج الأغذية العالمي” يفتقر 12.4 مليون سوري من أصل 16 مليوناً إلى الأمن الغذائي، بزيادة مقلقة قدرها 3.1 مليون في عام واحد.
وأكدت أنه بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يشكل الحق في الغذاء جزءا من حق كل فرد في مستوى معيشي لائق، ويتكون هذا الحق من أربع مكونات رئيسية: التوافر، وإمكانية الوصول، والكفاية، والاستدامة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحكومة ملزمة بمراجعة القيود على كمية الخبز المدعوم التي يمكن للأسر الحصول عليها حتى لا تجوع، وتقديم دعم إضافي للأسر غير القادرة على تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية.
كما طالبت المنظمة حكومة النظام بوضع حد لانتهاكات أجهزتها الأمنية، بما فيها تدخلها التمييزي في توزيع الخبز والطحين.
وأكدت أن “على روسيا أن تزود سوريا بالقمح، بصفتها حليف أساسي ولديها مسؤولية مشتركة عن العمليات العسكرية التي ساهمت في الأزمة الجارية”.
وأوضحت أنه “بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن روسيا، بصفتها طرف في النزاع في سوريا، مسؤولة عن تقديم تعويضات عن الانتهاكات التي كانت ضالعة فيها”.
وقالت سارة الكيالي، باحثة سوريا في هيومن رايتس ووتش: “يقول المسؤولون السوريون إن ضمان حصول الجميع على ما يكفي من الخبز هو أولوية، لكن أفعالهم تظهر عكس ذلك. الملايين في سوريا يعيشون الجوع، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تقصير الحكومة في معالجة أزمة الخبز التي ساهمت في خلقها”.
وأضافت الكيالي: “القيود التي تفرضها سياسات الحكومة السورية بمواجهة أزمة الخبز تزيد الأمور سوءا، ما أدى إلى ظهور سوق سوداء تخدم الأغنياء ومن لديهم ́واسطة̀. على الحكومة السورية ضمان توزيع الخبز بكميات ونوعيات ملائمة على كل من يحتاج إليه في جميع المناطق التي تسيطر عليها”.
وتعيش مناطق النظام، ولاسيما في دمشق وريفها، منذ أشهر أزمات في تأمين رغيف الخبز، حيث يصطف الأهالي أمام الأفران بالمئات يومياً ولعدة ساعات في سبيل الحصول على ربطة الخبز.
وفي مطلع آذار الحالي، نقلت وكالة “الأناضول” عن “مصادر مطلعة” أن 6 شركات روسية فسخت عقوداً وقعتها مع نظام الأسد لتوفير الطحين، بعد عجز الأخير عن دفع المستحقات المتأخرة عليه.
ويعيش أكثر من 80 % من السوريين تحت خط الفقر، وبالنسبة إلى 40 % من الأسر، فإن 65 % من النفقات تذهب إلى المواد الغذائية، بحسب الأمم المتحدة.
وبحسب دراسة نشرتها “جامعة هومبولت” في 2020، خسرت سوريا 943 ألف هكتار من الأراضي المزروعة بين 2010 و2018، بسبب العمليات العسكرية، وتهجير المزارعين وعمال المزارع، وسوء إدارة موارد الدولة، والتكاليف المرتبطة بالنزاع، بما في ذلك تغير الجهات المسيطرة على أجزاء من البلاد.