تحقيق ألماني: ماهر الأسد مسؤول عن هجوم الغوطة الكيميائي عام 2013
التحقيق: "إفادات الشهود تشير إلى أن نشر الأسلحة الاستراتيجية مثل غاز السارين لا يمكن تنفيذه إلا بموافقة بشار الأسد".
يتجه القضاء الألماني لاتهام، ماهر الأسد، شقيق رأس النظام بشار الأسد، بالمسؤولية المباشرة عن إصدار أوامر شن الهجوم الكيميائي على غوطة دمشق الشرقية، الذي وقع في 21 من آب 2013.
جاء ذلك في تحقيق إخباري نشرته كل من مجلة “دير شبيغل” ومحطة “دوتشه فيله” الألمانيتين، بعد أن حصلتا حصرياً على حق الوصول إلى الشهود والتقارير السرية الخاصة بالقضية التي تعمل “وحدة جرائم الحرب” الألمانية على التحقيق في حيثياتها.
وقالت قناة “دوتشه فيله” في التحقيق الذي نشرته، أمس الجمعة، 27 من تشرين الثاني، إن “الدلائل تشير إلى أن ماهر الأسد، الشقيق الأصغر لبشار الأسد، والذي يُعتبر على نطاق واسع ثاني أقوى شخص في سوريا، كان القائد العسكري الذي أمر مباشرة باستخدام غاز السارين في هجوم الغوطة في آب 2013”.
واستدركت أن “إفادات الشهود المرفوعة مع الشكوى الجنائية تشير إلى أن نشر الأسلحة الاستراتيجية، مثل غاز السارين، لا يمكن تنفيذه إلا بموافقة بشار الأسد”.
ووفقًا للوثائق المتوفرة، فإن ماهر الأسد كان قد أعطى وقتها الأمر الرسمي على مستوى العمليات، وبناء عليه قامت مجموعة النخبة داخل مركز البحوث العلمية، التي يطلق عليها اسم “الفرع 450″، بتحميل العوامل الكيميائية على الرؤوس الحربية، ليقوم بعد ذلك اللواء 155 بإطلاق صواريخ أرض – أرض تحت إشراف مباشر من ماهر الأسد.
وقال ستيف كوستاس، رجل القانون الذي يعمل مع فريق التقاضي بمبادرة عدالة المجتمع المفتوح: “لدينا دليل على أن بشار الأسد متورط في صنع القرار. لن أقول إننا أثبتنا ذلك بأنفسنا، لكن لدينا بالتأكيد بعض المعلومات التي تشير إلى تورطه في هجمات السارين”.
وأضاف كوستاس: “لقد أظهرنا أن هناك وحدة محددة تسمى “الفرع 450” داخل مركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا (SSRC)، والتي شاركت بشكل كبير في التخطيط لهجمات السارين وتنفيذها”، وتابع: “لقد أظهرنا التسلسل القيادي المتورط في تلك الوحدة وصلتها بالقصر الرئاسي”.
وتجري التحقيقات الألمانية تحت مبدأ الولاية القضائية العالمية التي تخول القضاء الألماني النظر في قضايا مثل جرائم الحرب والإبادة الجماعية حتى لو لم تقع في ألمانيا أو ضد مواطنيها.
وفي أوائل تشرين الأول، قدم تحالف من ثلاث منظمات غير حكومية شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا ضد أشخاص لم يتم الكشف عن أسمائهم فيما يتعلق بهجمات كيميائية بغاز السارين على الغوطة الشرقية عام 2013 وعلى خان شيخون بإدلب في عام 2017.
وتوفر الشكوى الجنائية، توثيقًا شاملاً إلى جانب معلومات مفتوحة المصدر، مثل المواقع المستهدفة بالقصف، والتي يمكن استخدامها كدليل قانوني على جرائم الحرب المرتكبة في الغوطة وخان شيخون، وتضمنت الشكوى شهادات ما لا يقل عن 50 منشقاً عن النظام لديهم معرفة مباشرة ببرنامج الأسلحة الكيميائية في البلاد.
كما تم تأكيد جزء كبير من شهادات الشهود بدقة من خلال مقاطع الفيديو والصور التي التقطها أشخاص على الأرض، بما في ذلك الضحايا، وتم كذلك جمع المحتوى وأرشفته من قبل مبادرة الأرشيف السوري في برلين.
من جانبها أكدت، “وحدة جرائم الحرب” في كارلسروه لـ “دوتشه فيله”، تلقيها للشكوى الجنائية من مكتب المدعي العام الفيدرالي، ومع ذلك فإنها لن تقدم المزيد من التعليقات بشأن القضية، وقال متحدث باسم الوحدة: “نحن نحقق في الأدلة، وهذا كل ما يمكننا قوله الآن”.
وكانت قوات النظام استهدفت مع أولى ساعات يوم 21 من آب 2013 الغوطة الشرقية بـ 30 صاروخاً وقذيفة محملة بغاز السارين، ما أدى لمقتل 1302 شخصاً، بحسب المركز الطبي الثوري الموحد في الغوطة الشرقية.
وعقب ذلك، وافق نظام الأسد على التخلي عن برنامجه للأسلحة الكيميائية مقابل تفاهم دولي قضى تجنيبه ضربة عسكرية أمريكية، في حين تشير الوثائق التي حصلت عليها “دوتشه فيله” إلى أن النظام لم يمتثل لالتزاماته بتفكيك برنامج أسلحته الكيميائية بالكامل.
وفي 11 من أيلول الماضي، رفضت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إغلاق ملف نظام الأسد الخاص بالعثور على مواد كيميائية يمتلكها داخل سوريا، وذلك خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، لمناقشة تنفيذ القرار 2118 الخاص ببرنامج نظام الأسد للأسلحة الكيميائية.
وسبق أن ارتكبت قوات النظام عشرات الجرائم الكيميائية ضد المناطق السورية الثائرة، كما أكدت مؤخراً فرق التحقيق المختصة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تورط نظام الأسد بارتكاب جرائم باستخدام السلاح الكيميائية.