أهم طفرة حدثت لفيروس كورونا.. وتأثير الطفرات على الفيروس
مع انتشار فيروس كورونا حول العالم يتردد على المسامع عبارات جديدة وربما تكون غريبة وبحاجة لشرح وتفسير.
في حديث خاص مع راديو الكل يوضح الدكتور مازن خير الله استشاري الأمراض المُعْدية والإنتانية وأمراض العناية المركزة وأستاذ مشارك في جامعة نورث داكوتا في الولايات المتحدة الأمريكية المقصود بكلمة “الطفرة” بالإضافة لتفاصيل تتعلق بأهم الطفرات التي حدثت لفيروس كورونا منذ ظهوره حتى الآ.
معنى الطفرة
الطفرة هي تغيير بالحمض النووي للفيروس، فأي تغير في تركيبة الحمض النووي أثناء الاستنساخ له يؤدي إلى تغيير البروتينات المكونة للفيروس، وهذا يؤدي إلى تغير في الخصائص الفيزيولجية للفيروس، حيث يمكن أن يصبح أكثر أو أقل انتشاراً، وممكن أن تتغير قوة الفيروس أو فوعته أو قد لا يحدث أي تغيير جوهري في الفيروس.
وبشكل أساسي هو تغير في تركيبة الحموض النووية أثناء الاستنساخ بحسب د. خير الله.
التأثيرات التي تنجم عن حدوث طفرات في الفيروس
يبين د. خير الله أن التأثيرات التي تنجم عن حدوث طفرات في الفيروس تعتمد على مكان توضع التغير، وكذلك أيضاً على سرعة حدوث هذه الطفرات، فمن الممكن أن تحدث طفرات على مواقع في الفيروس غير أساسية ولا يكون لها أي أهمية وبالتالي يبقى الفيروس كما هو، وحتى لو كان تواترها سريعاً فلا تؤثر على الفيروس، لكن إذا حدثت الطفرة على بروتين أساسي في الفيروس مثل البروتين الشوكي “النتوء” في فيروس كورونا الذي يعتبر بروتين أساسي فيه ومسؤول عن ارتباط الفيروس مع الخلايا ويسهل دخوله إلى الخلية، فإذا حدث تغيير على هذا البروتين بشكل متواتر كل شهرين أو ثلاثة مثلًا يتحول الفيروس إلى فيروس جديد تماماً عندها يصبح الشخص الذي أصيب بالفيروس سابقاً عرضة للإصابة بالفيروس الجديد لأنّ المناعة التي تشكلت سابقاً لن يكون لها أي تأثير على الفيروس الجديد.
أيضاً يوضح د. خير الله أنه إذا كان يوجد لقاح خاص بالفيروس سابقاً وكان اللقاح فعالاً نتيجة تكون المناعة فلن يكون فعالاً تجاه الفيروس الجديد، وهذا الشيء يؤدي إلى انتشار المرض من جديد، حتى لو كان هناك لقاح تم تصنيعه وتوزيعه على الناس لكنه يستهدف الفيروس القديم، وهذا الفيروس أصبحت بروتيناته كلها مختلفة ما يؤدي للحاجة للقاح جديد.
طفرات كورونا وتأثيرها في شدة الإصابات
يؤكد د. خير الله أن الطفرات تحدث في الفيروس لكن من حسن الحظ أنها تحدث بشكل بطيء وأقل مما هي عليه بفيروسات أخرى كما كان الحال بفيروس الإيدز.
ومعظم الطفرات التي حدثت لفيروس كورونا لم تتموضع على منطقة البروتين الشوكي الذي يعتبر الأهم في الفيروس ويؤدي إلى الارتباط بالخلايا ودخول الفيروس إليها، وكذلك هو البروتين الذي تتشكل اتجاهه الأضداد في الجسم، سواء كانت متشكلة من مرض أو من لقاح وتؤدي إلى تعديله، وبالتالي هذه الطفرات لم تؤثر على إمكانية الأضداد المتشكلة نتيجة المرض من تغيير في المناعة الخاصة به، وكذلك يعتقد أن اللقاح سيكون فعالاً تجاه الفيروس الموجود حالياً.
أهم طفرة حدثت على الفيروس وتأثيرها
وفيما يتعلق بالطفرة الأكبر، أشار د. خير الله إلى أن الطفرة الأكبر اسمها D614G حدثت في بداية الوباء، وانتشرت بشكل كبير جداً ومعظم الحالات الموجودة في العالم حالياً هي حالات تحتوي هذه الطفرة، لكن الطفرة صحيحة على بروتين الشوكي، إلا أنها لم تشمل أهم منطقة في هذا البروتين، وهي منطقة الارتباط بالمستقبلات، وهي المنطقة المستهدفة بشكل أساسي من الأضداد، هذا الفيروس ذو الطفرة هو المنتشر أكثر الآن، والمسيطر خلال الموجة الثانية في جميع أنحاء العالم.
ولفت الدكتور خلال حديثه لراديو الكل إلى أن الطفرة جعلت الفيروس أكثر وأسهل انتقالاً بين الناس، وذلك بسبب ارتفاع الحمل الفيروسي في الأنف، لكنها لم تؤد إلى تغير في فعالية الفيروس من حيث شدته أو شدة الإصابات، سواء كان أكثر أو أقل، فشدة الإصابات نفسها، وتبين أن هذه الطفرة لم تؤد إلى هرب الفيروس من الأضداد المعدلة في الجسم، وإنما على العكس جعلته أكثر حساسية، وهذه دلالة جيدة من أجل اللقاح المنتظر، وبالتالي الشيء الأساسي الذي قامت به الطفرة سرّعت انتشار الفيروس، وهذا يفسر كثرة الحالات خلال الموجة الثانية من الفيروس.
احتمالية أن يكون هناك طفرات أخرى
وعن احتمال ظهور طفرات أخرى، قال د. خير الله إن “هذا الاحتمال موجود طبعاً، إلا أنها يمكن أن تكون طفرات جيدة أو سيئة، حيث يحتمل أن تؤدي إلى إضعاف الفيروس، وقد لا تؤدي إلى أي شيء، ولا تؤثر على الفيروس أبداً، وقد يكون هناك زيادة في شدة وفوعة الفيروس”.
ويضيف الدكتور أن هناك طفرات أخرى حدثت بشكل عشوائي، لكنها بقيت محدودة ولم تنتشر بشكل واسع، لكن إذا حدثت طفرات على البروتين الشوكي، وأدت إلى عدم فعالية المناعة، فهذا ما نسميه الانجراف أو الانزياح المستضدي تماماً، مثل ما يحدث بالانفلونزا، فلقاح الانفلونزا كل سنة يتم أخذه مرة؛ بسبب التغيير في تركيب الفيروس كل سنة عن التي تليها، وبالتالي تصبح الحاجة إلى تجديد هذا اللقاح حتى تتشكل الأضداد الجديدة ضد هذا الفيروس، وهذا الطرح احتمال وارد جداً بـ”كورونا”، وبالتالي يوجد احتمال أن يكون هناك حاجة لأخذ اللقاح سنوياً.