هل تتحول اللجنة الدستورية إلى طوق نجاة للأسد؟
إذا كان بشار الأسد يرفض فكرة إجراء انتخابات تحت رعاية أممية فما الفائدة من سنوات تهدر بإعداد دستور جديد؟
بعد مضي أكثر من 9 أشهر على لقائها الأخير في تشرين الثاني الماضي، التأمت اللجنة الدستورية السورية مجدداً في جولة ثالثة لا تبشر بالكثير وفق الراعي الأممي للقاء.
ويتطلع السوريون بعد عشر سنين من الحرب لأن يكون الدستور المرتقب بوابة الخلاص من النظام ورأسه بشار الأسد.
ورغم تحول اللجنة إلى بؤرة اهتمام شغلت حتى قبل انعقادها أروقة الدبلوماسية الغربية على مدى الأيام الماضية بجولات مكوكية أمريكية واتصالات هاتفية روسية على مستوى وزير الخارجية، بقيت تفاصيل تلك المباحثات رهينة الأدراج.
غير أن الآمال لا تبشر بالكثير بعد أن تعثرت اللجنة الدستورية في خطواتها الأولى، دون تحرك غربي ملموس لتصحيح مسارها.
أكثر ما يؤرق السوريون هو النفق المظلم الذي قد تدخله اللجنة في حال كان مصير اللقاء الجديد كسابقه.
وجاءت اللجنة الدستورية أساساً كإحدى مفرزات القرار الأممي رقم 2254 الصادر بتاريخ 18 كانون الأول 2015 والمتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا.
غير أن القرار بقي حبراً على ورق ما مكّن روسيا من مساعدة الأسد في السيطرة على مساحات واسعة جنوب وشمال سوريا.
ويتخوف السوريون أن يكون عليهم الانتظار 5 سنوات أخرى ليتم الانتهاء من إعداد الدستور في ظل المماطلة التي تشهدها مجمل العملية السياسية في سوريا.
ونجح فريق النظام للجنة بعرقلة عملها منذ جولتها الثانية في تشرين الثاني الماضي، قبل أن يعود المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون في نهاية آذار للحديث عن اتفاق على جدول أعمال اللجنة فقط.
وباكراً وعد الأسد بتعقيد عمل اللجنة وقلل من أهميتها، فيما لا تزال آليات إلزامه بالدستور المرتقب مجهولة.
وقال بشار الأسد في تشرين الأول الماضي في مقابلة مع قناة الإخبارية الرسمية، إن “اللجنة لا تؤدي للحل بل ربما تؤمّن جزءًا من الحل ويقتصر دورها على التعديل الدستوري”، رافضاً تصريحات المبعوث الأممي إلى سوريا، الذي تحدث عن أن إنهاء أعمال اللجنة الدستورية سيعقبه انتخابات رئاسية بإشراف أممي.
وعاد في تشرين الثاني ليقول إن نظامه “يدعم أي مساع تهدف لإيجاد حل للوضع في سوريا إلا أن هناك محاولات تجري حالياً للإيحاء بأن الحل للحرب يمكن أن يحصل من خلال اللجنة الدستورية وهذا غير صحيح”.
والأسد هو المستفيد الأول من تعطيل اللجنة الدستورية، إذ ينتظر بفارغ الصبر عام 2021 ليجري مسرحية انتخابية رئاسية جديدة تضمن بقاءه على رأس النظام لسنوات أخرى.
وهنا يتساءل البعض عن سر تقديم المجتمع الدولي خطوة كتابة الدستور، وتجاهله دعوات إجراء انتخابات نزيه تحت إشراف أممي الأمر الذي كان كفيلاً بإنهاء الأزمة.
وفي حال تمكنت روسيا من تغطية بقاء الأسد سياسياً ما الذي سيغيره الدستور وما الذي قد يرغم الأسد على القبول بانتقال للسلطة؟
وهنا يتخوف البعض من أن مصير اللجنة سيكون مماثلاً لمصير اللجان الأممية للتحقيق في الهجمات الكيميائية التي ارتكبها نظام الأسد ضد السوريين فيما لا يزال القاتل يعتبر رئيسا وطرفاً في المفاوضات.