سرقة في وضح النهار تطال المعالم التاريخية والحضارية لأهالي جبل العرب
لم يكتف نظام الأسد ببث سموم التفرقة والنعرات الطائفية بين أبناء جبل حوران بل تعداه ليشمل سلب المعالم الحضارية والتاريخية التي تعود للحقبة الكنعانية والآرامية لفترة القرن السابع قبل الميلاد… فقد شهدت السويداء أعمال نهب وسرقة وتفريغ لمحتويات المتحف الوطني من قبل الشبيحة أو ما يعرف بلجان الدفاع الوطني كما يروي ناشطون وشهود عيان، ليتم نقل المحتويات بشاحنات وأمام مرأى العالم بحجة “حمايتها من التدمير” حيث بدأ النظام عبر آلته يخوف الأهالي تحت ادعاءات طائفية ويبث الأكاذيب والافتراءات بين ابناء الجبل الواحد ، رغم معرفة الجميع ما قام به الثوار لدى تحريرهم بصرى الشام وتسليمها لجهات مدنية!!.
فماهي نوايا النظام في بيع حضارة السويداء..؟!
وماهي القيمة الحضارية لهذه الآثار؟
وماهودور الجهات المعنية في الحكومة المؤقتة في الحد من التعديات المستمرة؟
نهب للمواقع
بدأ النظام عبر آلته الإعلامية يروج عن اقتراب تنظيم داعش من مدينة السويداء بعد محاصرته مطار خلخلة و أطلاقه إشاعات أن التنظيم سيحطم كل الرموز التاريخية في المحافظة ويدمر معالمها الأثرية .. كما فعل في متحف الموصل بالعراق، ليرسل شبيحته ويقدموا على نهب مقتنيات المتحف الوطني بالسويداء كي يتم بيعها لاحقاً خارج سوريا وبأسعار خيالية يعود ريعها لعائلة الأسد ومقربيهم التي كان لها سجل حافل بعمليات الإتجار بالآثار وتهريبها من قبل آل شاليش وآل مخلوف وقبلهم رفعت الأسد.. وهي تجارة تأتي بأرباح خيالية ..فقد أفادت عضو اتحاد تنسيقية الثورة نورا الباشا لراديو الكل: أن سرقة الآثار لا تعتبر ظاهرة جديدة يقدم عليها النظام فقد نشطت أيام رفعت الاسد ومرتزقته سرايا الصراع حيث أرسل طائرات لتصوير السويداء من الجو كي ترصد كافة المواقع ليتم نهبها، كما أرسل منقبي الآثار تحت مسمى رحلات سياحية للتنقيب عن الآثار الدفينة في صلخد وشهبا وغيرها وتمت سرقة الكثير منها وبيعها بأموال طائلة.
وأفادت الناشطة أيضاً أنهم قاموا بشق الشارع المحوري الذي تتواجد فيه آثار بيزنطية في داخل السويداء بحجة القيام بأعمال التعبيد ليمر الطريق من فوق الكنيسة الكبرى وهي كنيسة أثرية بيزنطية لا يوجد لها مثيل في العالم والتي تعود للقرن السابع الميلادي، وتم إقامة ثكنة عسكرية في داخل مدرج روماني ليتم تخريبه وهومدرج يضاهي مدرج بصرى الشام من حيث الأهمية الثقافية والتاريخية.
وتؤكد الباشا أن مع اندلاع الثورة زادت أعمال السرقة والنهب من قبل عناصر النظام لاسيما سرقة الكنوز، فقد تم التنقيب في موقع أثري غرب تل شيحان وعثر فيه على /48/صندوق يوجد في كل صندوق /500 / قطعة ذهبية ليتم تهريبها إلى خارج سوريا، كما تمت سرقة شاهدتي قبرين من الحجر للأُسرة النبطية الحاكمة يعود تاريخها /2000/ عام بطول 70 ×30 سم.
كما تعرض المتحف الوطني للسرقة من قبل عناصر النظام بحجة اقتراب تنظيم داعش من المدينة حيث قاموا بنهب كل من خف وزنه وارتفعت قيمته، منها قطع برونزية و تماثيل صغيرة تعود إلى الفترة الكنعانية والرومانية و البيزنطية…
حضارة تسلب
للسويداء تاريخ يتجذر عميقاً في تربة الحضارة ليثمر فكراً وعمراناً وفنوناً شتى.. فقد أبدعت الأمم التي حطت على هذه الأرض، فكانت ابداعاتها آيات من الحسن والدقة والكمال خلدت حكايات ونسجت أساطير لا تنسى ولا تمحى، وعبرالتمعن في آثارها ستبدو لنا الأهمية التاريخية والحضارية التي تمتعت بها
حول الأهمية التاريخية والحضارية للسويداء أوضح السيد ابراهيم العباس الخبير الأثري وعضو في جمعية سوبارتو للتاريخ لراديو الكل أن السويداء تعود آثارها للألف الرابع قبل الميلاد لفترة السكن الحضري للعصر (الحجري النحاسي والبرونزي القديم والبرونزي الوسيط) كما توجد آثار تعود لفترة العصر الكنعاني والروماني والبيزنطي والإسلامي وهذه الآوابد الحضارية لا تعتبر حجارة بل هي شاهد على تراث الشعب وثقافته وإثبات لقدم الإنسان السوري وحضارته عبر التاريخ.
وعن تجارة الآثار واعتبارها جريمة يعاقب عليها القانون أضاف السيد عباس في تصريح لراديو الكل أن التجارة تلقى رواجاً كبيراً لدى تجار الحروب والأزمات كونها تجلب ثروة طائلة خلال فترة قياسية صغيرة .. خاصة مع وجود مافيات تشتري وتهرب الآثار.. فنظام الأسد وداعش والجماعات المتطرفة هي التي تنشط حالياً في سرقتها وتهريبها … كما يكمن الضرر ليس فقط بالسرقة بل بالتدمير الممنهج فمنذ بداية الثورة كان لها نصيب في الدماروالخراب باستخدام الأسلحة سواء أكانت مسكونة أم قديمة أكل الدهرعليها وشرب..
وبرغم وجود قوانين تحرم الإتجار بها باعتبارها جريمة يعاقب عليها القانون، إلا أنه من الصعوبة استعادتها إلا في حال التوثيق، فقد أكد العباس أن في حال كانت موثقة ومسجلة يمكن متابعتها في الأسواق والمتاحف لاحقاً. .لكن للأسف الشديد أغلب الآثار السورية غير موثقة ومسجلة لذلك يصعب تحديد جهتها ومن ثم إعادتها إلى مصدرها ..
توثيق للسرقات
التعديات المستمرة للنظام و التي تطال المعالم التاريخية لأهالي السويداء، مخالفة صريحة لكل الأعراف والقوانين الدولية ويتوجب على الجهات المعنية ملاحقة المقترفين وفضح ممارساتهم .
وعن دور وزارة الثقافة في الحكومة المؤقتة في الحد من سرقة الآثار و ملاحقة الجناة في المحافل الدولية أوضحت السيدة سماح هدايا وزيرة الثقافة وشؤون الاسرة في الحكومة السورية المؤقتة لراديو الكل أن انتهاكات النظام للآثار لا تقتصر فقط على السرقة بل بالتدمير أيضاً حيث عملت مديرية الأثار لمتابعة موضوع التعدي المستمر على حضارة السوريين ولدى الوزارة رؤية واضحة عن العمل وخطة قانونية ممنهجة عن السرقات التي تحدث ، حيث يتم توثيق كافة الانتهاكات ومتابعة السرقات عبر المواقع الاثرية المختلفة كإحداث دائرة آثار درعا وتوثيق الدائرة كافة السرقات وأعمال التخريب التي تمت لاسيما منطقة بصرى الشام، كما يتم التوثيق أيضاً بالتنسيق مع المجالس المحلية لمتابعة سرقة الآثار شيئاً فشيئاً.
وعن النداءات التي أطلقتها الوزارة أكدت هدايا أن الوزارة أطلقت نداءات استغاثة عبر وسائل الإعلام من خلال التواصل وترجمة النداءات بالإنكليزية ونشرها بالمحافل الدولية عبر المنظمات والمؤسسات لاسيما اليونسكو.
وتتابع هدايا قائلة: أهم شيء لدينا هو التوثيق حيث يتم تدوين كافة حالات السرقة المتعمدة والتدمير المقصود وغير المقصود بشكل دقيق ومنهجي ومهني بغية إيصالها للمحافل الدولية، أيضاً يتم من خلال دعوتنا لعقد مؤتمر دولي كي تتم متابعة انتهاكات الآثارالسورية وملاحقة الجناة بإجراءات علمية تنفيذية، فهناك خطة عمل واضحة نقدمها للمنظمات المعنية للقيام بدورها..
وعن مدى فعالية الدور الذي تضطلع به أشارت السيدة هدايا في تصريح لراديو الكل أنه لا قيمة لأي عمل أو إجراء ما لم يصاحب بالشرعية والإعتراف حيث لم تجد الوزارة آذاناً صاغية كدور شرعي لها في المجتمع الدولي كونه لم يتواصل معها ولم يعترف بها حتى الآن.. فقضية متابعة المسروقات لا تنحصر فقط بمهمة ودور الحكومة المؤقتة بل يحتاج إلى موقف سياسي موحد يتطلب تعاوناً من قبل الجميع ومن ضمنهم المجتمع الدولي فهناك لاعبون أساسيون لموضوع الآثار هم الذين يحددون قواعد اللعبة ومن ثم يأتي دورنا بمتابعة الموضوع وتوثيقه..
سرقة آثار السويداء وتدمير ما تبقى منها جريمة بحق الإنسانية فهي تستهدف الرموز التاريخية والحضارية لإهالي جبل العرب وتمس الهوية الثقافية لتراثهم الفكري …وما إقدام عناصر النظام على نهب مقتنيات المتحف الوطني إلا غيض من فيض ما قامت به عائلة الأسد على مدى أربعين سنة من النهب والسرقة والتخريب لمقدرات شعب ثار في وجه الغطرسة وطالب بالحرية والكرامة… فمهما تعددت السرقات فشعار النظام وقواته كان دائماً واحد “الأسد أو نحرق البلد”
راديو الكل